ترجمة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام

الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام

 

نشأته وبداية طلب العلم ومشايخه:

هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن عبد الرحمن بن صالح بن حمد بن محمد بن حمد البسام، ولد في عنيزة في القصيم عام 1346ه، وأسرته من أشهر الأسر النجدية ومن أغنيائها، بل هي من البيوت التجارية الكبيرة في المملكة العربية السعودية، كما أنها معروفة بالثقافة والاطلاع على العلوم الشرعية والعربية والسياسية بسبب أسفارهم إلى الخارج، واحتكاكهم المباشر بأصحاب الثقافات، واطلاعهم على أحوال الأمم والمدن وتواريخها، كما أن أسرة البسام من الأسر المشهورة بالمعروف والإحسان ولهم قصص معروفة في الإحسان في زمن المجاعات، بالإضافة إلى ذلك فإن أسرة والدته هي الأخرى أسرة مشهورة بالتجارة في البصرة، فأخذ الشيخ عبدالله عن الأسرتين صفات النبل والكرم والإحسان، مع حبه للقراءة والثقافة والاطلاع.

دخل في صباه المبكر كتّاب الشيخ: عبد الله بن محمد القرعاوي، وكان يحفظ عنده القرآن حتى انتقل الشيخ القرعاوي من القصيم، فأخذ يدرس هو وأخوه صالح على والدهما: عبد الرحمن بن صالح البسام، وقرأ عليه القرآن، والتفسير، والسيرة النبوية، والتاريخ الإسلامي، والفقه، والنحو. كان يقرأ عليه تفسير ابن كثير، والبداية والنهاية، وفي الفقه في كتاب: أخصر المختصرات لابن بلبان، وفي النحو الآجرومية، وقد كان والده منقطع النظير في علوم التاريخ والسير والأنساب، فاستفاد منه استفادة كبيرة وكان هو المشجع الأكبر له على التعلم ومواصلته، وكان يحثه دائما على ذلك، ثم انخرط بعد ذلك في سلك الطلاب المنتظمين عند الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله، فقرأ عليه البخاري، والمنتقى، وبلوغ المرام، وكتاب التوحيد، كما درس عليه الفقه، والأصول، والنحو، والصرف، وكان من زملائه في هذه المرحلة: الشيخ سليمان بن إبراهيم البسام، والشيخ محمد بن منصور الزامل، والشيخ عبدالله بن عبدالعزيز عقيل، والشيخ علي الصالحي وغيرهم.

وكان ممن يدرس على الشيخ السعدي في هذه الفترة ويعتبرون من زملائه الكبار: الشيخ محمد بن صالح العثيمين، والشيخ حمد المرزوقي، والشيخ سليمان الدامغ، وقد جد واجتهد في القراءة على شيخه وعلى زملائه الكبار الذين مرّ ذكرهم، وحرص على الاستفادة منهم كثيراً، فلم يضع من وقته شيئاً، فكان قد تحصل شيئًا كثيرًا من التفسير، والحديث، والتوحيد، والعلوم الأخرى، وقرأ وراجع فيها كتبا كثيرة، كما كان يهتم بحفظ المتون ومراجعتها، ومن محفوظاته في تلك الفترة غير القرآن الكريم الذي حفظه عند والده: بلوغ المرام، ومختصر المقنع، والورقات، وقطر الندى، وألفية ابن مالك في النحو وغير ذلك.

مكث الشيخ يقرأ ويتعلم، ولازم شيخه السعدي طيلة ثمان سنوات، وكان يجلس عدة ساعات في الليل للمراجعة والبحث، ولجده واجتهاده كان محلّ اهتمام وعناية من الشيخ السعدي، ويظهر ذلك جليًّا حينما طلب أهل عنيزة من الشيخ السعدي أن يرشح لهم من يؤمهم في صلاة التراويح في رمضان، فرشحه الشيخ، وأمّ بالناس في عدد من المساجد منها: مسجد في حي الخزبرة، ومسجد الجعيفري، وكان يقرأ فيها على الناس كتب التفسير والوعظ.

قدومه للحج والتحاقه بدار التوحيد بالطائف:

زار الشيخ مكة المكرمة عام 1365ه لأداء الحج واجتمع بها مع الشيخ محمد بن عبدالعزيز بن مانع، وتباحثا في بعض المواضيع العلمية فأعجب به الشيخ محمد، وأمره بالالتحاق بدار التوحيد الذي أنشئ في الطائف وكان هو مديرًا له، وكان الشيخ عبدالله قد تحصل في سنوات دراسته في عنيزة أصول العلوم الشرعية والعلوم العربية، وكان في دار التوحيد من العلوم ما لم يقرأه على مشايخ بلده فالتحق به وانتظم فيه، ووجد فيه كبار العلماء وغيرهم من المتخصصين في علوم الشريعة والأدب فانتفع بهم انتفاعا عظيمًا، وقد لازمهم ودرس عليهم عددا من العلوم مثل: المنطق، وأدب المناظرة، وبعض العلوم الرياضية التي لم تكن مقررة في الدار وإنما قرأها عليهم في منازلهم، ومن هؤلاء المشايخ الذين استفاد منهم:

- الشيخ عبد الرزاق عفيفي.

- والشيخ محمد حسين الذهبي.

- والشيخ:عبد الله الصالح الخليفي، وغيرهم من العلماء.

وكان مع دراسته في الدار يعمل إمامًا وخطيبًا في جامع العزيزية بالطائف، بعد ذلك التحق الشيخ بكلية الشريعة وكلية اللغة العربية ودرس فيهما معًا وكان من مشايخه في الكليتين:

- الشيخ محمد متولي الشعراوي.

- والشيخ خليل هراس.

- والشيخ يوسف الضبع وغيرهم.

تدريسه بالمسجد الحرام:

وأثناء دراسته في الكلية كلفته رئاسة القضاء بمراقبة الكتب بميناء جدة، كما أنه قد بدأ في التدريس بالمسجد الحرام منذ عام 1372هـ بإشارة من الشيخ محمد بن مانع، واستمر في دروسه حتى عام 1417هـ، وكان يحضر له الناس لخلو دروسه من التعقيد والحشو، كما أنها كانت علمية تربوية في نفس الوقت؛ فاستفاد منه خلق كثير، ومن أبرز طلابه الذين درسوا عليه واستفادوا منه:

- الشيخ الدكتور ناصر العبد الله الميمان.

- والشيخ شائع الدوسري.

- والشيخ محمد شرف الحلواني، وغيرهم.

أعماله:

لما تخرج الشيخ من الدراسة الجامعية عام 1374هـ عمل في سلك القضاء، فكان يعمل في القضايا الجزئية المستعجلة بمكة المكرمة، كما عين رسميًّا في المسجد الحرام، وكان يلقي دروسًا عامة وخاصة، وكان الشيخ أيضا عضوًا في رابطة العالم الإسلامي في اللجنة الثقافية، وعضوا في موسم الحج لإلقاء المحاضرات ومقابلة الوفود، وفي ذلك الوقت أمّ الشيخ بالمصلين في المسجد الحرام لمدة ثلاثة أشهر وطُلب منه البقاء في الإمامة لكنه اعتذر، ثم عين بعد ذلك رئيسًا للمحكمة الكبرى بالطائف، فانقطع عن دروس الحرم لصعوبة الجمع بين الدرس في الحرم وعمله في الطائف، ثم أصبح قاضيًا في محكمة تمييز الأحكام الشرعية للمنطقة الغربية عام 1391هـ، وبمجرد عودته إلى مكة المكرمة عاد إلى دروسه في الحرم المكي، وفي عام 1400هـ عين الشيخ رئيسًا لمحكمة التمييز، وبقي كذلك إلى أن تقاعد عام 1417هـ، ومع هذه الأعمال والمناصب التي تولاها الشيخ إلا أنه كان عضوًا بمجلس هيئة كبار العلماء، وفي عدد من المجامع والمجالس منها:

- مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي.

- ومجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي.

- والمجلس الأعلى لدار الحديث الخيرية.

- واللجنة الشرعية في الراجحي.

- وهيئة الإعجاز العلمي للكتاب والسنة في رابطة العالم الإسلامي.

- وفي تحديد المشاعر المقدسة.

- كما كان رئيسًا لجمعية المبرة الخيرية لمساعدة الشباب على الزواج في مكة المكرمة.

- ورئيسًا للمكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بجدة.

- وشارك في تأسيس النادي في دار التوحيد بالطائف، وشارك في مناقشة رسائل علمية بجامعة أم القرى.

وفاته:

في عام 1423هـ في يوم الخميس 27/ 11 توفي الشيخ إثر سكتة قلبية، في مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة، وصُلي على الشيخ في المسجد الحرام بمكة المكرمة بعد صلاة الجمعة.

مؤلفاته:

ترك الشيخ رحمه الله تراثًا علميًّا بعد موته استفاد منه الناس ولا يزالون ينهلون من معينه وهي:

1/ تقنين الشريعة أضراره ومفاسده، مكة المكرمة، دار الثقافة.

2/ شرح على كشف الشبهات، نشر دار إحياء الكتب العربية في القاهرة سنة 1377هـ

3/ حاشية على عمدة الفقه، دار الميمان للنشر والتوزيع.

4/ تيسير العلام شرح عمدة الأحكام، الإمارات، مكتبة الصحابة، الطبعة العاشرة 1426هـ.

5/ توضيح الأحكام من بلوغ المرام، مكة المكرمة، مكتبة الأسدي، الطبعة الخامسة 1423هـ.

6/ علماء نجد خلال ثمانية قرون، دار العاصمة، الطبعة الثانية، 1419هـ.

7/ القول الجلي في حكم زكاة الحلي.

8/ الاختيارات الجلية في المسائل الخلافية.

9/ الدين الإسلامي كفيل بتحقيق المصالح.

10/ الفقه المختار.

11/ تنبيه ذوي الأبصار عن ما في كتاب الآثار المحمدية من الأضرار.

12/ نيل المآرب تهذيب عمدة الراغب، دار الميمان.

13/ خزانة التواريخ النجدية في عشرة مجلدات، الطبعة الأولى 1419هـ.

 

دروسه الصوتية:

كما أن للشيخ رحمه الله دروسًا مسجلة تفوق الـ 600 درسًا، سجلت من تاريخ 12/ 2/ 1408هـ إلى آخر درس له بتاريخ 6/ 3/ 1422هـ وكانت هذه الدروس في شرح عدد من الكتب منها:

- الروض المربع بشرح زاد المستقنع للبهوتي.

- وهداية الراغب في شرح عمدة الطالب لعثمان النجدي.

- وعمدة الاحكام في أحاديث الاحكام.

- وبلوغ المرام لابن حجر العسقلاني، وغيرها.

 

مصادر ترجمته:

1/ أعلام المكيين لعبدالله بن عبدالرحمن المعلمي، (1/ 287) مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، الطبعة الأولى 1421هـ.

2/ تاريخ أمة في سير أئمة لصالح بن عبد الله بن محمد بن حميد، مركز تاريخ مكة المكرمة ، 1433هـ.

3/ علماء نجد خلال ثمانية قرون لعبدالله بن عبدالرحمن البسام، (4/ 214-224) دار العاصمة، الطبعة الثانية 149هـ.

4/ مقدمة كتاب تيسير العلام بشرح عمدة الأحكام طبعة دار المغني بتحقيق محمد بن مجقان الطبعة الثانية 1427هـ([1]).

 

 



([1]) المصدر: موقع علماء مكة.


المرفقات

  • {{__('blog.Noattachements')}

Comments

Leave a comment

Blog categories

عربة التسوق

Loading...