Loading ...

أهل السُّنة ومعتمدُ المذهب

بسم الله الرحمن الرحيم    

 

من أصول الاعتقاد المجمع عليها عند أهل السُّنة: إثبات صفة الكلام لله تعالى، وأنه تعالى يتكلَّم متى شاء، وأن كلامه تعالى بحرف وصوت.

وهذا الأصل المحكم هو السِّياج الحَامي من الشُّبُهات والضَّلالات الكثيرة التي وقعت فيها الطَّوائف المخالفة لأهل السُّنة على ما بينها من اختلاف وتباين.

فمن نسب لأهل السُّنة عمومًا وللأئمة الأربعة خصوصًا ما يخالف هذا الأصل من البدع المحدثة، واستند في ذلك إلى أن هذا هو قول من عُرِف بتحرير المذهب، أو إلى ما يدَّعي أنه معتمَدُ المذهب فقد افترى على أهل السُّنة وحرَّف عقائدهم، وأدخل على الأئمة المتبوعين ما يُنافي أُصولهم، مما تأثَّر به أتباعُ المذاهب الفقهيّة من الضّلالات العقديّة، وهذا ليس خاصًّا بهذه المسألة، بل قد دخل الانحراف في مسائل كثيرة لو بحث النَّاظر في أصولها لوجدها نتيجة شبهاتٍ حادثة، فالواجب إعادةُ النَّظر فيها، وتخليصُ المذاهب مما هو دخيلٌ عليها مخالفٌ للأصول التي بنيت عليها أول الأمر.

وإذا عُلم تحقُّق الإجماع على هذا الأصل فإن العلماء المشهود بإمامتهم عند أهل السُّنة هم أَوْلى الناس بلُزُوم هذا الإجماع وعدم مخالفته؛ إذ لا يمكن أن تصحَّ حكايةُ الإجماع من أهل السُّنة على هذا الأصل، ويتواتَر نقلُ اتِّفاقهم عليه جيلًا بعد جيل ويكون من هؤلاء الأئمة الأعلام من يُخالف في ذلك.

وحتى لو فُرِض أنه قد حصلت المخالفة من أحدهم لما هو المشهور المجمع عليه عند أهل العلم أو حتى لشيءٍ من تفاصيل مقالاتهم فلابد أن ينصُّوا عليه ويبيِّنوا الموقفَ منه كما هو معروف عنهم في مسائل كثيرة، فالتَّحري والتَّثبتُ في مثل هذا هو شأنُ العلماء الذين قرّروا القواعد لهذه الأصول، وحكوا إجماع العلماء عليها، ونقلوا أقوال الأئمة في بيانها، فلا جديد يمكن أن يضاف إلى ما ذكروه وبيَّنوه.

 وإذا كان هذا عامًّا في كلِّ إمامٍ مشهود بإمامته وبراءته من أصول أهل البدع فكيف بحال الإمام أحمد وما كان له من خصوصيَّة الابتلاء والمحنة في فتنة القول بخلق القرآن، حتى أصبح قولُه وموقفُه هو الشعار الذي يميِّز قول أهل السُّنة وموقفهم.

والذي لا يُراعي الإجماع وتحقُّقه قبل ما حصل في المذاهب من دَخَن التَّأثُّر بالشُّبُهات الدَّخيلة عليها قد يحتارُ فيما تصحُّ نسبتُه للمذهب مع تلك البدع المحدثة، بل قد يحتار فيما هو حقيقةُ قول إمام المذهب فيها؛ وذلك أنَّ تأثيرَ تلك الشُّبُهات لم يبق محصورًا فيما دخل على المذاهب وإنما تعدَّاه إلى تحريف ما وَرد عن إمام المذهب مما يُوافق الإجماع السابق إلى ما يوافق التَّحرِيف اللَّاحق.

ثم يأتي بعد شُيوع هذه التَّحرِيفات من يدَّعي أنه في تحريرِه للمقالات وفق المنهج التَّأريخي لابدَّ أن يُقارن بين الأقوال وينظُر في صحَّة نسبتِها إلى أصحابها وِفق مبدإِ التحقُّق المحايد بعيدًا عن الأَدلجة والرِّسالية حسبَ زعمه، وهنا تأتي التَّفسيرات الدَّخيلة على المذهب عائقًا عن تحريره للقول الصحيح الذي تدلُّ عليه النصوص ويؤيِّده الإجماع، وقد يقع صاحب هذه المنهجيَّة في فخِّ تلك التَّحرِيفات فيأخذ ببعضها، أو لا يَسلَم في أدنى حالاته من الشكِّ والحيرة فيما هو المعتبر منها، فيجنح إلى القول بأنه لا يُريد تقرير المسألة ولا تمييز الحق من الباطل فيها، وإنما غايته التنبيه إلى الإشكالات حولها([1]).

 



([1]) المصدر: قناة التلغرام للأستاذ الدكتور عبدالله القرني بتاريخ 4/7/22  ٠٢:٠٦م.


المرفقات

  • {{__('blog.Noattachements')}

Comments

Leave a comment

Blog categories

عربة التسوق

Loading...