بين الخلاف الفقهي والخلاف العقدي

بسم الله الرحمن الرحيم     

 

يخطئ من يُسوِّي بين الخلاف في أصول الاعتقاد وما يكون من الخلاف بين المذاهب الفقهيَّة في مسائل الأحكام، ويظن أنه إذا لم يَلزم أن يتمحَّض الحقّ في مذهب من المذاهب الفقهيَّة فإنه لا يلزم كذلك أن يتمحَّض الحقّ في مذهب أهل السُّنة والجماعة في مقابل المذاهب البدعية المخالفة لهم.

وذلك أن من الخلاف ما هو سائغ معتبر، ومنه ما ليس كذلك، وما اختلف فيه الفقهاء فليس فيه ما يناقِض الإجماع، بل هو دائرٌ فيما دون ذلك مما تختلف فيه الأنظار وتتفاوت فيه الاجتهادات مما هو خلاف سائغ عندهم؛ ولذا لا يتحرَّجون من حكاية قولِ المخالف لهم، وإن كان الغالب عليهم ترجيحَ ما عليه مذهبهم على ما عليه المذاهب الأخرى، وبعضُهم قد يظهر له وجهُ الصَّواب في قولِ مُخالفِه فيذهب إليه، والجامع بينهم في ذلك أن كلًّا منهم وإن رأى أنَّ قولَ مخالفه مرجوحًا إلا أنه يرى أنه يحتمل أن يكون صوابًا؛ لأن غاية التَّصويب والتَّخطئة عندهم هي بين راجح ومرجوح في مسائل محتملة يقبل فيها اختلاف وجهات النظر.

وأما ما يكون من الخلاف بين أهل السُّنة وغيرهم من الطَّوائف البدعيَّة فإن تلك الطوائف إنما خالفت أهل السُّنة فيما أجمعوا عليه، واتَّفقوا على أن من خالف قولهم فقد خرج من السُّنة إلى البدعة، ومن الإجماع المعتبر إلى الشّذوذ والخلاف المذموم، فلا يكون خلافُهم معتبرًا، ولا أقوالهم مما تحتمِلُه النُّصوص، وأنَّ ما انفردوا به فلا يكون إلا بدعة ضلالة، وما أصابوا فيه فلا يُمكن أن ينفردوا بالصَّواب فيه عن أهل السُّنة، بل لم يبق لهم انتساب لأهل الإسلام ودخول في عموم أهل القبلة إلا من جهة مُوافقتهم لأهل السُّنة، وهذا لا يُقال لأجل التَّشنيع عليهم والتَّحذير من مقالاتهم ومناهجهم، وإنما هو واقع الحال، ومن تدبر الأمر وعرَفه على حقيقته، ورزقه الله البصيرة والصدق في طلب الحق تبين له ذلك([1]).

 



([1]) المصدر: قناة التلغرام للأستاذ الدكتور عبدالله القرني بتاريخ 30/5/22  ٠٢:٠٦م.


المرفقات

  • {{__('blog.Noattachements')}

Comments

Leave a comment

Blog categories

عربة التسوق

Loading...