هل يُستغاث بالأموات باعتقاد أنهم أسباب لا مؤثرين؟

بسم الله الرحمن الرحيم     


تسويغ الاستغاثة الشِّركية بالأموات بدعوى أن المقصود السَّببيَّة لا التَّأثير مناقضٌ للنُّصوص الكثيرة التي جاءت بالدَّلالة على أن سؤالَ غيرِ الله تعالى ما لا يقدر عليه إلا الله هو من صريح الشِّرك، فتكلُّفُ التَّفريق بين السَّببيَّة والتَّأثير إنما هو تخريجٌ على أصل بدعيّ يرجع إلى التّفسير الإِرجائي للتَّوحِيد عند المتكلمين، ولا صلة لهذا التَّخريج لا بلغة العرب، ولا بما تواترت نصوص الكتاب والسُّنة بالدلالة عليه، ولا بالمأثور عن سلف الأمة وأئمتها المعتبَرين.

 ومثل هذا ليس مما يحتمل الخلاف ولا يسوغ بحال، وتجدُّد هذا الانحراف والسَّعي إلى نشره بين الناس ممَّا يوجب التَّأكيد على الحقيقة الشَّرعيَّة لتوحيد الله تعالى، وأهمية تمييزها عن الضلالات البدعية.

والتَّحذير من الغلوِّ في التَّكفِير لا يُسوِّغ تحريفَ الحقيقة الشَّرعيَّة للتَّوحِيد، وإنما يكفي فيه بيان ما يلزم من التثبُّت من تحقُّق شروط التَّكفِير وانتفاء موانعه في حق المعين، فإن النُّصوص كما جاءت ببيان حقيقة الشِّرك فقد جاءت أيضًا ببيان ما يُشترط عند تنزيل حكم الشِّرك على شخص بعينه، وأنه إذا وُجد ما يمنع من تكفيره لم يجز لأحد الحكم بكفره.

والناس في هذا الباب طرفان ووسط:

فذهبت طائفة تزعم الحرص على تجنُّب الغلو في التَّكفِير إلى التَّحرِيف للحقيقة الشَّرعيَّة للتَّوحِيد، وتعسَّفوا في تفسير ما جاءت به النصوص في هذا الباب، وقيَّدوا معانيها بمقيدات بدعية مناقضة لصريح دلالتها.

 وفي المقابل ذهبت طائفة تزعم أنه يلزم من الوفاءِ بما تدل عليه الحقيقة الشَّرعيَّة للتَّوحِيد أنَّ من وقع في الشِّرك فقد وقع عليه الشِّرك ولابدّ، وتعسَّفوا في تبرير ما جاءت به النُّصوص من اشتراط قيام الحجة على المعين، وادَّعوا أنَّ قيامها يتحقَّق بمجرَّد بلوغها حتى لو لم يفهمها المخاطب، وحتَّى لو كانت عنده شُبهة معتبرة تمنع من تكفيره([1]).

 



([1]) المصدر: قناة التلغرام للأستاذ الدكتور عبدالله القرني بتاريخ 30/7/22  ٠٢:٠٦م.


المرفقات

  • {{__('blog.Noattachements')}

Comments

Leave a comment

Blog categories

عربة التسوق

Loading...